هي صلاة قيام الليل في رمضان. وهي وإن اختصت بشهر رمضان، فإنها داخلة في عموم قيام الليل، وقد جاءت نصوص تدخلها في عموم قيام الليل، ونصوص أخرى تخصها بقيام رمضان.
التراويح: جمع ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، وسميت بهذا الاسم لأن المصلين كانوا يستريحون بين كل تسليمتين أو بعد كل أربع ركعات، وجمهور الأمة على أن عدد ركعاتها عشرون عدا الوتر، وعلى هذا استقر العمل في الحرمين الشريفين ومعظم بلاد الإسلام.
وصلاة التراويح سنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه ». وأداؤها جماعة سنة أيضاً، لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّ المسلمين في أوائل رمضان، وفي العشر الأواخر منه، عدة مرات.
صلاة التروايح اقلها 5 مع صلاة الوتر واكثرها 23 ركعة .
أما في توحيد صلاة التراويح، وجمع الناس فيها على إمام واحد: فعن عروة بن الزبير رحمه الله أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مرة في جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج في الليلة الثانية، فصلى فصلوا بصلاته، وأصبح الناس يتحدثون بذلك، وكثر أهل المسجد في الليلة الثالثة حتى ضاق بهم المسجد، فلما كانت الليلة الرابعة لم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه ثم تشهد وقال:« أما بعد فإنه لم يَخـْفَ عليّ شأنكم الليلة، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها» فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يوجبه عليهم ويقول: « من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ماتقدم من ذنبه ». وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على هذا .
ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر الصديق، وصدراً من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. ثم إن عمر رضي الله عنه خرج ليلة من رمضان فطاف في المسجد، وأهل المسجد جماعات ومتفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني لأظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم على أن يجمعهم على قارئ واحد،فأمر أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن يقوم بهم في رمضان، فخرج والناس يصلون بصلاة قارئهم فأعجبه مارأى وقال: نعمت البدعة هذه. ثم جعل عمر رضي الله عنه بعد ذلك لصلاة التراويح إمامين، يقومان في الليلة الواحدة بالتناوب، يبتدئ الثاني حيث ينتهي الأول، وذلك رفقاً بالإمام، وترويحاً للمأمومين، وتنشيطاً لهم.
وبعد ذلك كان عمر إذا دخل شهر رمضان، صلى المغرب، ثم تشهّد بخطبة خفيفة، ثم قال: فإن هذا الشهر، شهر كتب الله عليكم صيامه، ولم يكتب عليكم قيامه، من استطاع منكم أن يقوم فإنه من نوافل الخير.
وهكذا، فإن توحيد صلاة التروايح بإمام واحد هي من سنن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي انطلقت من هذا المسجد الشريف، وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التمسك بسنة الخلفاء الراشدين والتزامها، فقال: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ».
وقال صلى الله عليه وسلم:« اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ». فرضي الله عن أبي بكر وعمر ورضي الله عن سائر صحابة نبينا الكرام.
حكم خروج المراه لصلاة التروايح بدون اذن زوجها ؟
س: إذا خرجت المرأة لصلاة التراويح في المسجد وزوجها غير راض عنها يقول لها صلي في البيت آجر لك، ما صحة هذا الكلام بارك الله فيكم؟
ج: نقول أولاً للزوج: لا تمنع امرأتك من الخروج إلى المسجد فإن النبي نهاك عن ذلك فقال: { ولا تمنعوا إماء الله مساجد الله }.
ونقول للزوجة: إذا منعك الزوج فأطيعيه لأنه قد لا يمنعك إلا لمصلحة أو خوف فتنة وهو كما قال من أن صلاتك في البيت أفضل من صلاتك في المسجد لقول النبي : { وبيوتهنّ خير لهن } [الشيخ ابن عثيمين].
وقفات مع صلاة التراويح
الوقفة الأولى مع الأئمة .. وفقهم الله فمن تلك المخالفات :
1- السرعة في القراءة والصلاة ، والإخلال بشيء من الركوع والسجود والطمأنينة والخشوع . 2- الاعتداء في الدعاء والإطالة فيه .. فاحرص أخي أن تدعو بالصحيح المأثور والجوامع من الدعاء لتنال أجر الدعاء والمتابعة ، وتسلم من الزلل والمخالفة ، علماً بأنه لم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام المدوامة على القنوت . 3- اعتقاد وجوب ختم القرآن ، ولهذا تحصل السرعة في القراءة لدرجة الإخلال بها . 4- أحث الأئمة على السنة في القيام ، وذلك بصلاتها إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر ركعة مع إحسانها وإطالتها دون مشقة . 5- وكذلك لا ينسوا تذكير الناس ونصحهم وإرشادهم بعد الصلاة ما بين الوقت والآخر .. أو بين الآذن والإقامة فرمضان ولياليه فرصة للدعوة والنصح .
الوقفة الثانية مع الناس ... حفظهم الله فمن ذلك
1- الإكثار والمبالغة في تتبع المساجد .. والتنقل طلباً للصوت فقط ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ليصل أحدكم في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد )) [رواه الطبراني – صحيح الجامع] وقد نهى السلف عن ذلك لما فيه من هجر بعض المساجد .. والتأخير عن تكبيرة الإحرام ، وما قد يحصل من عشق الأصوات ... وغيره ، ولكن لا حرج في أن يلتزم المصلي بمسجد ولو كان غير مسجده ويستمر معه إلى نهاية رمضان إن وجد ذلك أدعى لحصول الخشوع وتدبر القراءة. 2- الصراح والعويل عند البكاء .. أو رفع الصوت والتكلف في البكاء .. وليس هذا من هدي السلف رضي الله عنهم .. بل كان قدوتنا صلى الله عليه وسلم إذا بكى سمع له أزيز كأزيز المرجل فحسب .. فالتكلف منهي عنه ، وهو مدعاة للرياء وفيه إزعاج للمصلين إلا من غلبه ذلك فهو معذور .. ولكن عليه مجاهدة نفسه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. 3- التأثر من كلام البشر ، وعدم التأثر من كلام رب البشر ، وذلك بالبكاء من الدعاء فقط وأما القرآن فلا ، والله تعالى يقول : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }. 4- البعض ينتظر الإمام حتى يركع وينشغل بالكلام فإذا ركع دخل معه في الصلاة ، ويكثر هذا في الحرم – وهذا العمل فيه ترك لمتابعة الإمام وتفويت تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة .. فلا يليق بك – أخي الحبيب – فعله . 5- النظر في المصحف داخل الصلاة حال قراءة الإمام ، وهذا يكثر في الحرم ، وفي هذا العمل عدة مساوئ فمنها كثرة الحركة باليدين وبالبصر ، ومنها ترك سنة القبض ، ووضع اليدين على الصدر ، ومنها ترك النظر إلى موضع السجود .. إلخ . 6- اكتفاء البعض بأربع أو ست ركعات مع الإمام ثم ينصرف إلى دنياه وفي هذا فوات لأجر عظيم ، قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) [رواه أهل السنن وهو صحيح]. 7- الإكثار من الأكل عند الإفطار فيأتي المصلي وهو متخم بالطعام فلا يستطيع إكمالها ، أو تجده يضايق المصلين بالجشاء .
الوقفة الثالثة مع النساء ... حرسهن الله فمن ذلك :
1- الحضور إلى المسجد وهي متبخرة متعطرة وفي هذا مخالفة عظيمة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية )) [رواه أحمد والترمذي وقال :حسن صحيح] ، فكيف بمن تذهب للسوق وهي كذلك . 2- عدم التستر الكامل وإظهار شيء من الجسم ، والواجب عليها ستر جميع جسدها وأن لا يكون حجابها شفافاً ولا ضيقاً بل واسعاً ساتراً فضفاضاً ، وأن لا تظهر شيئاً من زينتها وليس هذا كبتاً وحبساً لها وإنما احتراماً وصيانة وحماية لها . 3- الحضور إلى المسجد مع السائق الأجنبي بمفردها .. فترتكب بذلك مخالفة شرعية من أجل الحصول على أمر مباح أو مستحب لها ، وهذا خطأ . 4- تركها لأولادها عند المعاصي من مشاهدة الأفلام وسماع أغاني ونحوها .. أو مصاحبة الفساق والله يقول : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } ، فبقاؤها في هذه الحالة في بيتها أوجب للمحافظة عليهم . 5- إحضار الأطفال المزعجين وإشغال المصلين بذلك والتشويش عليهم . 6- الاشتغال بعد الصلاة بالقيل والقال والكلام في الناس وارتفاع الأصوات بذلك حتى يسمعهن الرجال بدلاً من قول سبحان الملك القدوس ( ثلاثاُ) والذكر والاستغفار !!. والسنة أن ينصرفن مباشرة بعد فراغ الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر ، والرجال يبقون قليلاً حتى ينصرفن أو ينتظرن قليلاً حتى يخرج الرجال ، فلا يكون الخروج في وقت واحد خاصة إذا كانت الأبواب متقاربة فيحصل الزحام والاختلاط على الأبواب . 7- الانتقال من خير البقاع وأحبها إلى الله – وهي المساجد – إلى شرها وأبغضها إلى الله وهي الأسواق لغير حاجة ماسة . 8- عدم التراص في الصفوف ، ووجود الفرجات ، والخلل فيها . 9- تركها الاجتهاد في الطاعة والذكر إذا جاءتها الدورة أو العادة الشهرية فهناك أنواع كثيرة من العمل الصالح كالدعاء والاستغفار والتسبيح والصدقة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ.
الوقفة الرابعة وهي لكل مسلم ومسلمة
* اتقوا الله في صيامكم وقيامكم ودعائكم .. ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ، تصومون النهار وتقومون الليل وتبكون مع الإمام ثم تذهبون بعد ذلك وتضيعون أجوركم ، فالعين التي كانت تدمع تنظرون بها إلى الحرام من أفلام متبرجة ومختلطة ، والأذن التي تأثرت بما سمعت تسمعون فيها الغناء واللغو ، واللسان الذي كان يُوَّمِّن على الدعاء تطلقونه في الغيبة والنميمة والكذب والسخرية والقيل والقال والسباب والشتائم ، وغير ذلك من آفات اللسان ، والقلب الذي خشع وسكن في القراءة هو نفسه يحمل الحقد والغل والكراهية للمسلمين ، فلا يصح هذا منا أبداً ، وتذكروا أنه ؛ (( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش )) [رواه أحمد وهو صحيح] ، وقوله عليه الصلاة والسلام : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [رواه البخاري ]. ولا تكن من إذا خلى بمحارم الله انتهكها ، فهذا أمراً عقوبته وخيمة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباءً منثوراً أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم إذا خلوا بمحارم اله انتهكوها )) [صحيح الجامع 5028] وأُذكّر نفسي وإياكم إخوتي أولاً وأخيراً بإخلاص النية لله وإتباع السنة في القيام وغيره ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) [رواه البخاري ومسلم]
أسأل الله جل وعلا أن ينفعنا بهذه الوقفات ، وأن يرزقنا الإخلاص والسداد واالقبول .
منقول للفائده