بسم
الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم ...
أما
بعد ...الأحبة في الله تعالى ...
بدأنا معا نتحرر من قيودنا
، ونحطم تلك الأغلال التي بداخلنا ، لا نرتضي الهزيمة النفسية ، لا نرضخ
للواقع ، لا نستسلم للمحاولات غير الناجحة تمامًا ، بل نجعل منها طاقة
للدفع للأفضل .
نعم
.. " لا تحزن إن الله معنا "
نعم ... " أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "
نعم ... " وما كان الله ليضيع إيمانكم "
هذا ظننا فيك يارب ، مهما
اسودت أمامنا السبل ، مهما تجرعنا من مرارة الواقع ، ليس لنا سوى طريقك ،
ولن نحيد عنه ، سنصبر ونصابر ، وأنت معنا فسيهون كل خطب .
أحبتي ...
لا تدخلوا السجن بأيديكم
وأنتم تعلمون ، نعم فأعظم سجن ، سجن الهوى والشهوات ، والله إنه عقوبة من
أشد العقوبات .
يقول
ابن القيم في بيان " عقوبات المعاصي ": " ومن عقوباتها أن العاصي دائما في
أسر شيطانه ، وسجن شهواته ، وقيود هواه فهو أسير مسجون مقيد ، ولا أسير
أسوأ حالا من أسير أسره أعدى عدو له ، ولا سجن أضيق من سجن الهوى ، ولا قيد
أصعب من قيد الشهوة فكيف يسير الى الله والدار الآخرة قلب مأسور مسجون
مقيد ، وكيف يخطو خطوة واحدة "
فقل في وجه شيطانك : " معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي "
وقل لهواك : لا ، فإنه " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى "
أحبتي ...
يقول ابن القيم : " وإذا تقيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب
قيوده ، ومثل القلب الطائر كلما علا بعد عن الآفات وكلما نزل استوحشه
الآفات "
نعم الحل أن تتعالى :" قل تعالوا " فهيا نتعالى
نرتفع لسماء ربنا ، ونشد القيد الأرضي السفلي الذي يعيقنا ، اشمخ بأنفك
أمام كل معصية تذلك ، أنت أعلى ، ارفع رأسك من هوان اتباع الهوى فأنت لك
العزة " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا "
لا تعبد شهوتك ، لا تذل
نفسك لامرأة أو رجل ، لدرهم أو دينار ، ارتفع ستحلق عاليا ، وستنال كل ما
تريد بدون هذا الذل .
أحبتي
...
كن أقرب من الله ، تقرب
لربك القريب بسجدة في جوف الليل ، بدعوة يخشع معها قلبك ، بعمل صالح لا
تحدث به نفسك ، بنشر الخير ونقله للغير ، تقرب ، فإنَّ الشاة إذا كانت أقرب
للراعي كانت أسلم من الذئب ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .
قال ابن القيم :" وأصل هذا كله أنَّ القلب كلما
كان أبعد من الله كانت الآفات اليه أسرع ، وكلما كان أقرب من الله بعدت
عنه الآفات ، والبعد من الله مراتب بعضها أشد من بعض : فالغفلة تبعد العبد
عن الله ، وبعد المعصية أعظم من بعد الغفلة ، وبعد البدعة أعظم من بعد
المعصية ، وبعد النفاق أشد من بعد البدعة ، والشرك أعظم من ذلك كله "
فلا للغفلة ... نعم للذكر
لا للمعصية ... نعم للطاعة
لا للبدعة .... نعم للسنة
لا للنفاق .... نعم للإيمان الراسخ
ولا للشرك ... ونعم للعبودية
حاول كسر قيدك ، فقد اقترب رجب من المنتصف ،
زمان البذر يجري ، محطة " رجب " توشك أن تنقضي ، لا تدع " قطار رمضان "
يفوتك . فأسرع فوالله فتن كقطع الليل المظلم ، وابتلاءات تحوط من كل جانب ،
وبيت الشيطان الذي أسرك فيه يوشك أن يخر عليك سقفه ، فحاول أن تتحرر ،
واسرع قبل السقوط .
وكتبه
هاني حلمي
12 رجب 1431هـ
ملاحظة :
ترقبوا المحاضرة الثالثة من سلسلة " فك
قيدك " : " السجين الحر " فإنها مهمة
لا تنسوني من صالح دعائكم